أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو :لا تحزن إن الله معنا ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024 م بعنوان :لا تحزن إن الله معنا ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 6 محرم 1446هـ ، الموافق 12 يوليو 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : لا تحزن إن الله معنا.

 

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : لا تحزن إن الله معنا ، بصيغة word أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : لا تحزن إن الله معنا ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024 م بعنوان : لا تحزن إن الله معنا ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) النهي عن الحزن، وبيان أن التمحيص سنة ربانية .

(2) بعث الأمل، وتجدد الثقة في حياة الأنبياء عليهم السلام .

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024 م بعنوان : لا تحزن إن الله معنا ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 

خطبة بعنوان «لا تحزن إن الله معنا»

بتاريخ 6 المحرم 1445 هـ = الموافق 12 يوليو 2024 م

عناصر الخطبة: 

(1) النهي عن الحزن، وبيان أن التمحيص سنة ربانية .

(2) بعث الأمل، وتجدد الثقة في حياة الأنبياء عليهم السلام .

الحمد لله حمداً يوافي نعمه، ويكافىء مزيده، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما بعد ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو :لا تحزن إن الله معنا 

(1) النهي عن الحزن، وبيان أن التمحيص سنة ربانية:

إن من دلائل الألوهية وآثار الربوبية على الخلق، وحكمته في تدبيره تقلب أحوال البشر من الشدة إلى الرخاء، ومن الضعف إلى القوة، ومن الضيق إلى الفرج، وإخراج المنح من أرحام المحن، وله سبحانه ألطاف لا يدركها عباده، وحكم يجهلونها تخفى عليهم قال ربنا: ﴿وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾؛ ولذا يكثر فيهم اللوم والاعترض، ويقل فيهم الرضا والقبول، وهذه الأحوال تربي الخلق على القُرب من الله، فإذا غنوا فبطروا جاءهم العسر ليهذب غرور النفس، ويحجزها عن الاستكبار، ويمنعها من البغي والطغيان، ويردها إلي الحق والصواب، فإذا حسنت أخلاقهم، وصفت قلوبهم، واستقامت أحوالهم، وأظهروا الذل والافتقار لله، ولهج لسانهم بالتضرع له جاءهم اليسر لئلا يستبد بهم اليأس والقنوط، وهذه السنن الربانية مبثوثة في آي القرآن وأحاديث الخاتم العدنان، ملموسة مشاهد وقوعها في الخلق يراها الإنسان في نفسه قبل غيره، ولو حاول العبد أن يجمع ما مر به في حياته لما أحصى ذلك لكثرة ما رأى وسمع، يا من أعيتك الحيل، وأتعبتك السبل، إقرع باب مولاك، وثق به، وتوكل عليه، وأيقن أن الله معك، ولله در القائل:

وَكَمْ للهِ مِنْ لُطْفٍ خَفِيٍّ … يَدِقُّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ

وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ … وَفَرَّجَ لَوْعَةَ الْقَلْبِ الشَّجِيِّ

وَكَمْ هَمٍّ تُسَاءُ بِهِ صَبَاحًا … فَتَعْقُبُهُ الْمَسَرَّةُ بِالْعَشِي

إِذَا ضَاقَتْ بِكَ الأَسْبَابُ يَوْمًا … فَثِقْ بِالْوَاحِدِ الأَحَدِ الْعَلِيِّ

والناظر في كتاب الله يجد أن الله قد قطع على نفسه وعداً لا يتخلف- بمحض فضله- بأن الضيق يعقبه الفرج لا محالة يقول سبحانه: ﴿سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾، فلماذا إذن الجزع والحزن؟!، وهذا وعد منه تعالى لهم، ولذا من يتسخط ويعترض على قضاء الله هو جاهل بسنن الله؛ إذ العبد أوجده الله في هذه الحياة ليكابد عناءها، ويواصل مسيرته فيها حتى يذوق طعم الراحة ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ وإلا فما لذة النجاح إذا أتى بعد نوم ولعب؟!، وقد أكد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك فقال: «وإن الْفَرَجَ مع الْكَرْبِ وإن مع الْعُسْرِ يُسْراً» (أحمد)، من أيقن ذلك فلن ينسى مولاه، ولن يركن لغيره، ولله در القائل:  

إِنَّ الأُمُورَ إِذَا مَا اللهُ يَسَّرَهَا … أَتَتْكَ مِنْ حَيْثُ لا تَرْجُو وَتَحْتَسِب

وَكُلُّ مَا لَمْ يُقَدِّرَهُ الإِلَهُ فَمَا … يُفِيدُ حِرْصُ الْفَتَى فِيهِ وَلا النَّصَبُ

ثِقْ بِالإِلَهِ وَلا تَرْكَنُ إِلَى أَحَدٍ … فَاللهُ أَكْرَمُ مَنْ يُرْجَ وَيُرْتَقَبُ

إن الحزن تكديرٌ للحياةِ، وتنغيصٌ للعيشِ، وهو مصلٌ سامٌّ للروحِ، يورثُها الفتور والنكَّدَ والحيْرَة ، ويصيبُها بوجومٍ قاتمٍ متذبِّلٍ أمام الجمالِ، فتهوي عند الحُسْنِ، وتنطفئُ عند مباهج الحياةِ، فتحتسي كأسَ الشؤم والحسرةِ والألمِ؛ ولذا استعاذ منه النبيُّ – صلى الله عليه وسلم- فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» (البخاري) .

أما الحُزْن المحمود إنْ حُمِدَ بَعْدَ وقوعِهِ – وههو ما كان سببُه فوْت طاعةٍ، أو وقوع معصيةٍ – فإنَّ حُزْنَ العبدِ على تقصيرِهِ مع ربّه وتفريطِهِ في جَنْبِ مولاه: دليلٌ على حياتهِ وقبُولِهِ الهدايةَ، ونورِهِ واهتدائِهِ؛ ولذا يؤجر عليه العبد فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ، وَلَا حَزَنٍ، وَلَا وَصَبٍ حَتَّى الهَمُّ يَهُمُّهُ إِلَّا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ» (الترمذي وحسنه) .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو :لا تحزن إن الله معنا 

إن أكثر صيغ نفي الحزنِ تكررًا في كتاب الله وهي تعالى: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، يقارب ثلاث عشرة مرةً، يستحقُّ منا أن نتتبع الموصوفين به.

من هؤلاء الذي نفى الله عنهم الخوف والحزن؟ ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾، ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾، ﴿مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾، ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ﴾، ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ﴾، ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ﴾، ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾، هذه هي صفات العباد الذين نفى الله عنهم الحزن والخوف، تجمعها وصيةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأبي عمرو سفيان بن عبدالله الثقفيِّ لما قال له: قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غَيْرَكَ فقال له صلى الله عليه وسلم:”قل: آمنتُ بالله، ثمَّ استقم” (أحمد)، فكن من هؤلاء كي تنال معية الله تعالى .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو :لا تحزن إن الله معنا 

(2) بعث الأمل، وتجدد الثقة في حياة الأنبياء عليهم السلام:

المقصد الرئيس من ذكر قصص الأنبياء في القرآن الكريم هو أخذ العبرة والعظة، لنفيد بها في حياتنا وواقعنا الذي نعيشه ﴿لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ﴾، والمستقرء لحياتهم يجد أنها كانت متشبعة بالضيق والشدة ومع ذلك لم يكن منهم سوى الصبر الجميل، والرضا بما قسمه الجليل قَالَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» (النسائي) .

يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَامُ أُلقي في غيابة الجب، وبيع بثمن بخس دراهم معدودة ثم اتهم في عرضه، وتحمل مرارة وقسوة إخوته عليه، ضيق بعد ضيق، وشدة بعد شدة لكن العاقبة كانت له ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ﴾، وهذا يعقوب عَلَيْهِ السَّلَامُ يُخطف منه أحب أولاده إليه، وآثرهم لديه ثم يتبعه ابنه الثاني- بنيامين- بعد سنين، فعَمي من كثرة البكاء وشدة الفراق على ولديه ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾، لكنه لم يفقد الأمل، وظل الرجاء ملازماً له طول هذه المدة؛ لأنه يوقن أن الله معه، وسيجبر خاطره ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾، فتوجه إلى الله بالدعاء وطلب العون منه ﴿قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ ومع ذلك لم يفقد الأمل ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ﴾ وبعد سنوات من الشدة والمعاناة يعود له الولدان، فتحقق له سئله، وأجاب الله مطلبه ﴿فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ .

وهذا يونس عَلَيْهِ السَّلَامُ لما ضاق ذرعاً بقومه، وخرج مغاضباً، فإذا به يُلقى من السفينة إلى بحر متلاطم الأمواج، فالتقمه الحوت ففتح عينيه, فإذا هو حيٌّ في ظلمة بطن الحوت, في ظلمات البحر، في ظلمة الليل, ظلمات بعضها فوق بعض، فتوجه إلى خالقه، وتمسك برجائه، فأدركته معية ربه قال تعالى: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾، وحتى لا يظنن طانٌ أن تلك الاستجابة خاصة بيونس جاء التعبير بقوله:﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ» (الترمذي) .

وها هو أيوب عَلَيْهِ السَّلَامُ يطول به البلاء، وتنتشر في جسده الداء – غير المنفِّر-  ويطول به العهد حتى هجره الناس وتركوه ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين﴾ وانظر في تعبيره بلفظ المس الذي يفيد حسن الأدب الله مع وعدم الاعتراض على قدره، فجاءه النصر الإلهي والتأييد الرباني: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ وكثر خير الله وفاض عليه جزاء صبره فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بينا أيوب يغتسل عريانا، فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحتثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك أو قال: مَنْ يَشْبَعُ مِنْ رَحْمَتِكَ، أَوْ قَالَ: مِنْ فَضْلِكَ» (البخاري) .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو :لا تحزن إن الله معنا 

وهذا نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظهرت معه معية الله؛ فمكائد المشركين عظمت قوتها، وأشتدت وطأتها، فقد حاولوا أن يقضوا على الدعوة في مهدها، ودبروا للتخلص منه– صلى الله عليه وسلم – بشتى الوسائل من مساومة وحصار وتعذيب، لكنها فشلت في أن تزعزعه صلى الله عليه وسلم وصحابته عن ما هم عليه، بل زادتهم يقيناً في دعوتهم، وإصراراً على نصرة دينهم، فما كان أمام هؤلاء إلا وسيلة أخيرة؛ هي القضاء على رمز الدعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم غير أن الله أرادها بداية لانتصار الدعوة قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَويَقْتُلُوكَ أَويُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾

الهجرة لو نظرنا إليها بموازين البشر، ومقاييس العقل لكانت مستحيلة؛ لما حفت بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحيه من مخاطر كثيرة كالطرق الوعرة المجهولة، وكثرة المترصدين، وقلَّة الزَّاد والمؤن، وخروجه من داره وقد تجمع عصبة الشرك للإنقضاض عليه لكن شاءت معية الله أن يخرج سالماً دون أن يراه أحد ﴿وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾، وقد اتخذ – صلى الله عليه وسلم- حزمة من القرارات التي لا يعلم عاقبتها إلَّا أنَّه اتَّخذها واثقاً في الله تعالى، ولم يتراجع ومضى في هجرته مستعيناً بربه، متعلقاً بنصره؛ إذ يدرك قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾؛ ولذا صحبته عناية الله وجنوده التي تصحب المتوكِّلين عليه، فهذا سُراقة بن مالك يُبْصِر مكان المختبِئَيْن، فإذا بالعدوِّ ينقلب صديقًا، يعرض عليهما الزادَ والمتاع، ويَذْهب بوصيَّة رسول الله – صلى الله عليه وسلَّم : “أَخْفِ عنَّا” (البخاري)، وهذا الحمام يعشعش أمام الغار، والعنكبوت قد نسج خيوطه الواهية ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾، فكانت حائطاً وسداً منيعاً حين وقَف المشركون على شفير الغار حتى قال أبو بكر: “لو أنَّ أحدهم نظر تَحْت قدمَيْه لأبصرنا”؟ إنه الله؛ ولذلك كان جوابه صلى الله عليه وسلَّم: “ما ظَنُّك يا أبا بكر باثْنَيْن اللهُ ثالثُهما؟” (البخاري)، ولله در أمير الشعراء أحمد شوقي حيث قال:

سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً … لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ

هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا … هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ

وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُم … كَالغابِ وَالحائِماتُ وَالزُغبُ كَالرُخَمِ

فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُم … كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ

لَولا يَدُ اللَهِ بِالجارَينَ ما سَلِما … وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ

تَوارَيا بِجَناحِ اللَهِ وَاِستَتَرا … وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللَهِ لا يُضَمِ

وتأمل قصة أم موسى عليه السلام، وكيف كان حالها فيأتيها البشارة والمعية الربانية ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾، ففي الآية أمران ونهيان وبشارتان، أمر لها بأن تتوكل على الله، ونهي لها عن أن تحزن أو تجزع فهو في رعايتنا وحمايتنا، ومن رعاه الله حماه، فلا خوف عليه ولا حزن، وبشارة لها بتحقيق وعده.

إننا في زحمة التنافس على الدنيا، والتكالب عليها قد تضيع البوصلة، وتُخطئ الوجهة، وتتثاقل النفس عن طلب الآخرة، وننسى حق الله والمثول أمامه، لكن الهجرة بمعناها الشامل تسمح بإعادة توجيه الإنسان نحو الآخرة، وتربية النفس على طلب العلا، فينال العبد معية الله، ويأنس بقربه، ويغترف من أنوار محبته لكن هذا يحتاج إلى  حسن عمل يتبعه يقين صادق قال ربنا: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ .

إنها المعية الإلهية التي طمئنت موسى وأخاه هارون – عليهما السلام- بالنصر ﴿قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى﴾، وهي المعية الربانية نفسها التي طمأنت وأيدت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وصاحبه رضي الله عنه في شدة البلاء قال تعالى: ﴿إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو :لا تحزن إن الله معنا 

إنَّ رحلة الهجرة كانت لا تتمُّ بدون صبرٍ ويقين بالله عز وجل، وقد كان الله قادراً على نقل نبيِّه – صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة بالبراق كما نقله إلى المسجد الأقصى في رحلة الإسراء، إلَّا أنَّ الهجرة تتعلَّق بجانب القدوة لكلِّ من يأتي بعده – صلى الله عليه وسلم-، لذا احتاجت إلى صبرٍ ويقين، وعدم يأس مع توطين النفس على فتح باب الأمل؛ لذلك كان النصر حليفهم، والفلاح سبيلهم قال ربنا: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ .

نحن بأمس الحاجة إلى إدراك هذه المعاني وتلك المقاصد، فهي تنير طريقنا، وتحفظ شبابنا، وتجدد الأمل، وتبعث في النفس الطمأنينة والسلامة في واقع طغت فيه الأنانية المستعلية، والمادية البغيضة، فيحزن المسلم لأدنى نازلة أو ضائقة ألمت به، ويأسى على ما فاته، فالحزنُ خمودٌ لجذْوَةِ الطلبِ، وهُمودٌ لروحِ الهمَّةِ، وبرودٌ في النفسِ، وهو حُمَّى تشلُّ جسْمَ الحياةِ؛ ولذا نهانا الله عنه فقال سبحانه: ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، وليعلم العبد أن معية الله تارة تكون شاملة وعامة ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، وتارة تكون خاصة بالحفظ والنصر والتأييد، وتلك لعباده المخلصين .

نسأل الله أن يفرج كروبنا، وأن يزيل همومنا، وأن يذهب أحزاننا، ونسألك يا الله أن تجعل بلدنا مِصْرَ سخاءً

رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائر بلاد العالمين، وأن توفق ولاة أُمورنا لما فيه نفع البلاد والعباد .                                 

كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان

                                  د / محروس رمضان حفظي عبد العال       

               مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »